في تاريخ المملكة العربية السعودية، يبرز اسم الملك سلمان بن عبد العزيز كواحد من أبرز القادة الذين تركوا بصمة عميقة في مسيرة البلاد. منذ توليه الحكم في يناير 2015، قاد الملك سلمان المملكة عبر مرحلة تحولية شاملة، حيث وضع أسسًا لرؤية طموحة تهدف إلى نقل البلاد إلى مصاف الدول المتقدمة. لكن مسيرة الملك سلمان لم تبدأ مع توليه العرش؛ بل هي نتاج سبعة عقود من الخدمة والعطاء في مختلف المناصب القيادية.
من إمارة الرياض إلى قيادة المملكة
بدأت مسيرة الملك سلمان في الخدمة العامة عندما تولى إمارة الرياض لأول مرة عام 1955، وهو في العشرين من عمره. وعلى مدى خمسة عقود، حوّل الرياض من مدينة صغيرة إلى عاصمة عالمية مزدهرة، تعجّ بالمشاريع التنموية والثقافية والاقتصادية. خلال فترة إمارته، شهدت الرياض توسعًا عمرانيًا غير مسبوق، حيث تم إنشاء مراكز ثقافية ومكتبات وطرق حديثة، مما جعلها واحدة من أسرع المدن نموًا في العالم.
لم تكن إمارة الرياض مجرد منصب إداري للملك سلمان؛ بل كانت مدرسة تعلم منها فنون الحكم والإدارة. يقول الدكتور عبد العزيز الثنيان، الذي عمل عن قرب مع الملك سلمان: "كان يعامل الجميع بعدل، دون تمييز بين أمير ومواطن عادي. كان يؤمن بأن الشرع هو المرجع الأعلى للجميع".
رجل المهمات الصعبة
عُرف الملك سلمان بـ"رجل المهمات الصعبة"، حيث كان دائمًا الحلقة الأقوى في إدارة الأزمات وتجاوز التحديات. تولى منصب وزير الدفاع عام 2011، وقاد عملية إعادة هيكلة القوات المسلحة، مما عزز من قدرات المملكة الدفاعية. كما لعب دورًا محوريًا في تعزيز الأمن الوطني خلال فترة التقلبات الإقليمية التي شهدتها المنطقة.
عندما تولى العرش في يناير 2015، كان أول قراراته إعادة هيكلة الحكومة وإنشاء مجلسين للشؤون السياسية والأمنية والاقتصادية والتنمية. هذه الخطوة كانت بداية لمرحلة جديدة من الإصلاحات الشاملة، التي توجت بإطلاق "رؤية المملكة 2030"، وهي خطة طموحة تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتعزيز دور القطاع الخاص وتمكين الشباب والمرأة.
رؤية 2030: تحول تاريخي
تُعد "رؤية المملكة 2030" واحدة من أبرز إنجازات الملك سلمان. بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، تم إطلاق سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي غيرت وجه المملكة. من تمكين المرأة ودعم ريادة الأعمال، إلى تطوير قطاعات السياحة والترفيه والثقافة، شهدت المملكة قفزات نوعية في مختلف المجالات.
كما حققت المملكة تقدمًا ملحوظًا في مؤشرات التنافسية العالمية، حيث تقدمت في تصنيفات سهولة ممارسة الأعمال وجودة الحياة. بالإضافة إلى ذلك، تم تعزيز البنية التحتية الرقمية، مما جعل المملكة واحدة من أسرع الدول نموًا في مجال التكنولوجيا والاتصالات.
قيادة في زمن الأزمات
في مواجهة جائحة كورونا، أثبت الملك سلمان قدرته على إدارة الأزمات بفعالية. تم تعليق العمرة وإغلاق الحرمين الشريفين لفترة قصيرة، لكن الملك أصر على استمرار الصلاة في الحرمين، مع اتخاذ إجراءات وقائية صارمة. كما قدمت المملكة مساعدات إنسانية لدول عديدة، مما عزز من مكانتها كقائد إقليمي ودولي.
إرث ملك وقائد
اليوم، يُنظر إلى الملك سلمان كرمز للقيادة الحكيمة والرؤية الثاقبة. لقد نجح في نقل المملكة إلى مرحلة جديدة من التطور، مع الحفاظ على قيمها الإسلامية وهويتها العربية. اختياره للأمير محمد بن سلمان وليًا للعهد كان قرارًا جريئًا يعكس إيمانه بقدرات الشباب وثقته في قدرتهم على قيادة المستقبل.
في النهاية، سيذكر التاريخ الملك سلمان كقائد جمع بين الحكمة والرؤية، وقاد بلاده عبر مرحلة تحولية شاملة، محققًا إنجازات غير مسبوقة في مجالات التنمية والاقتصاد والأمن. لقد كان بحق خادمًا للحرمين الشريفين ورمزًا للعطاء والتفاني في خدمة الوطن والأمة.
ملخص:
الملك سلمان قاد المملكة عبر سبعة عقود من الخدمة والعطاء.
حوّل الرياض من مدينة صغيرة إلى عاصمة عالمية مزدهرة.
أطلق "رؤية المملكة 2030" كخطة طموحة لتحقيق التحول الاقتصادي والاجتماعي.
أثبت قدرته على إدارة الأزمات، خاصة خلال جائحة كورونا.
سيُذكر كقائد جمع بين الحكمة والرؤية، وقاد بلاده نحو مستقبل مشرق.