بين إفريقيا وآسيا.. نجح رينارد وتاه إيفانكوفيتش: مقارنة تاريخية وأداء حالي

محور الحيث
المؤلف محور الحيث
تاريخ النشر
آخر تحديث

 صراع مدربين في التصفيات الآسيوية

تتجه الأنظار إلى الرياض، حيث يستعد المنتخب السعودي الأول لكرة القدم لمواجهة منتخب الصين في إطار التصفيات الآسيوية المؤهلة لكأس العالم 2026. هذه المباراة لن تكون مجرد منافسة بين فريقين، بل ستكون أيضًا صدامًا بين عقلين تدريبيين مختلفين تمامًا: الفرنسي هيرفي رينارد والكرواتي برانكو إيفانكوفيتش . رينارد، الذي بزغ نجمه في القارة الإفريقية وأثبت كفاءته على المستوى العالمي، يواجه إيفانكوفيتش، الذي يمتلك خبرة طويلة في آسيا لكنه لم يتمكن من ترك بصمة واضحة رغم العديد من التجارب. في هذا المقال، سنستعرض سيرة كل مدرب، إنجازاته، تجاربه السابقة، وأثره على الفريق الذي يقوده حاليًا.


هيرفي رينارد – العملاق الإفريقي الذي غزا آسيا

بداية المسيرة:

بدأ هيرفي رينارد مسيرته التدريبية في فرنسا مع فرق صغيرة مثل شيربورج ودراجوينان، لكنه لم يحقق النجاح المنشود خلال هذه الفترة. ومع ذلك، كانت نقطة التحول في حياته المهنية عندما انضم إلى الجهاز الفني لمنتخب غانا تحت قيادة مواطنه كلود لوروا . هذه التجربة فتحت له أبواب القارة الإفريقية، حيث بدأ مشواره كمدرب مستقل مع منتخب زامبيا عام 2011.

الإنجازات في القارة السمراء:

  • كأس الأمم الإفريقية 2012 : كان الإنجاز الأبرز لرينارد عندما قاد منتخب زامبيا (الرصاصات النحاسية) للتتويج بلقب بطولة كأس الأمم الإفريقية لأول مرة في تاريخ البلاد. الفوز جاء بعد مباراة مثيرة أمام ساحل العاج بركلات الترجيح.
  • كأس كوسافا 2013 : أضاف رينارد لقبًا آخر لسجله بإشرافه على زامبيا في بطولة كأس كوسافا.
  • نجاح جديد مع ساحل العاج : بعد زامبيا، انتقل رينارد لتدريب منتخب ساحل العاج، حيث حقق لقب كأس الأمم الإفريقية 2015. كانت البطولة بمثابة انتصار شخصي للمدرب الفرنسي، الذي أظهر قدرته على تحقيق النجاح مع فرق مختلفة.

الانتقال إلى آسيا والمغرب:

بعد تألقه في إفريقيا، قرر رينارد اختبار مهاراته في قارة جديدة. قاد منتخب المغرب خلال الفترة من 2016 إلى 2019، حيث نجح في إعادة "أسود الأطلسي" إلى نهائيات كأس العالم 2018 بعد غياب دام 20 عامًا. وعلى الرغم من عدم الفوز بأي لقب قاري مع المغرب، إلا أن رينارد أثبت أنه قادر على بناء فرق تنافسية.

السعودية وعودة النجاح:

عاد رينارد إلى آسيا عبر بوابة المنتخب السعودي، حيث قاد الأخضر للتأهل إلى كأس العالم 2022 في قطر. هناك، حقق إنجازًا تاريخيًا بفوزه على منتخب الأرجنتين في المباراة الافتتاحية، قبل أن يتوج الأخير باللقب. بعد فترة قصيرة مع منتخب فرنسا للسيدات، عاد رينارد إلى السعودية ليقود الأخضر في التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2026.

أسلوب اللعب وتأثيره:

رينارد معروف بأسلوبه الدفاعي المنظم وقدرته على تحفيز اللاعبين لتحقيق نتائج إيجابية حتى في المباريات الكبيرة. هو مدرب يعتمد على الانضباط التكتيكي واستغلال الفرص القليلة المتاحة، وهو ما يجعله مناسبًا تمامًا لقيادة المنتخب السعودي في مواجهات التصفيات.


 برانكو إيفانكوفيتش – المدرب الذي تاه في آسيا

بداية المسيرة:

بدأ برانكو إيفانكوفيتش مسيرته التدريبية في كرواتيا مع فريق فاراتيكس، حيث لعب دورًا بارزًا كلاعب ومدرب. بعد ذلك، عمل كمساعد مدرب لمنتخب كرواتيا خلال كأس العالم 1998، حيث حصل المنتخب على المركز الثالث والميدالية البرونزية. هذه التجربة جعلته أحد أبرز المدربين الكرواتيين.

التجارب الآسيوية الأولى:

  • إيران (2002-2004) : كانت أولى محطاته الآسيوية مع منتخب إيران، حيث قاد الفريق للمركز الثالث في كأس آسيا 2004 وتأهل إلى كأس العالم 2006. كما فاز مع المنتخب الإيراني تحت 23 عامًا ببطولة دورة الألعاب الآسيوية 2002.
  • دينامو زغرب (2005-2007) : عاد إلى كرواتيا لقيادة دينامو زغرب، حيث فاز بلقب الدوري الكرواتي مرتين وكأس كرواتيا مرة واحدة.

العودة إلى آسيا:

  • شاندونج الصيني : درب إيفانكوفيتش فريق شاندونج في الدوري الصيني، لكنه لم يحقق نجاحًا كبيرًا.
  • برسيبوليس الإيراني : كانت تجربته الأكثر شهرة مع برسيبوليس، حيث فاز بـ6 بطولات خلال الفترة من 2015 إلى 2019. وصل مع الفريق إلى نهائي دوري أبطال آسيا 2018، لكنه خسر النهائي.

التجارب السعودية:

  • الاتفاق (2011-2012) : قاد الاتفاق في 36 مباراة، حقق خلالها 18 فوزًا، 10 تعادلات، و8 هزائم. تم إقالته بعد الخسارة في ذهاب ربع نهائي كأس الملك أمام الفتح.
  • الأهلي (2019) : تولى تدريب الأهلي لمدة 3 أشهر فقط، حيث أقيل بعد 5 مباريات بسبب النتائج السيئة.

الصين وتحدي التصفيات:

اختار الاتحاد الصيني إيفانكوفيتش لقيادة المنتخب الوطني في التصفيات الآسيوية الحالية، أملاً في استغلال خبرته الطويلة في القارة. ومع ذلك، يبدو أن الفريق لا يزال يعاني من ضعف الأداء، مما يضع المدرب تحت ضغط كبير.

أسلوب اللعب وتأثيره:

إيفانكوفيتش معروف بأسلوبه الهجومي، لكنه غالبًا ما يفتقر إلى القدرة على التعامل مع الضغوط الكبيرة. تجاربه السابقة تشير إلى أنه مدرب يملك الخبرة، لكنه يعاني من عدم الاستقرار في تحقيق النجاحات الكبرى.


المواجهات المباشرة بين رينارد وإيفانكوفيتش

التاريخ المشترك:

واجه رينارد وإيفانكوفيتش بعضهما البعض 3 مرات في التصفيات الآسيوية المؤهلة لكأس العالم 2022، حينما كان الأول يقود السعودية والثاني يقود عمان.

  • المباراة الأولى : فاز المنتخب السعودي 1-0 في مسقط بهدف صالح الشهري.
  • المباراة الثانية : تكرر الفوز السعودي بنفس النتيجة 1-0 بهدف فراس البريكان.
  • كأس الخليج 2023 : قاد إيفانكوفيتش عمان للفوز على السعودية بنتيجة 2-1، لكن الأخضر كان يلعب بالفريق الرديف.

التفوق لمصلحة رينارد:

من الواضح أن رينارد يتمتع بالأفضلية في المواجهات المباشرة، حيث يتفوق من حيث النتائج والاستراتيجيات. إيفانكوفيتش، رغم خبرته، يبدو أنه يعاني من ضعف في التعامل مع الضغوط الكبيرة.


 التوقعات للمواجهة القادمة

السعودية تحت قيادة رينارد:

مع رينارد، يظهر المنتخب السعودي بشكل منظم وقوي دفاعيًا، مع قدرة على استغلال الفرص القليلة. الفريق يدخل المباراة وهو مرشح لتحقيق الفوز، خاصة على أرضه وبين جماهيره.

الصين تحت قيادة إيفانكوفيتش:

على الجانب الآخر، يعاني المنتخب الصيني من ضعف الأداء وعدم الاستقرار. إيفانكوفيتش يواجه تحديًا كبيرًا لإعادة الثقة للاعبيه وتحقيق نتيجة إيجابية أمام السعودية.


 هل سيستمر نجاح رينارد؟ وهل سيعثر إيفانكوفيتش على طريقه؟

في النهاية، المواجهة بين رينارد وإيفانكوفيتش ليست مجرد مواجهة بين مدربين، بل هي قصة نجاح وفشل. رينارد، الذي بزغ نجمه في إفريقيا وواصل نجاحاته في آسيا، يمثل نموذجًا للمدرب القادر على تحقيق الإنجازات مع أي فريق. أما إيفانكوفيتش، فهو مدرب يمتلك الخبرة لكنه لم ينجح في ترك بصمة واضحة في القارة الآسيوية.

المباراة القادمة ستكون فرصة لكل مدرب لإثبات نفسه. هل سيستمر رينارد في تحقيق النجاحات مع السعودية؟ وهل سيتمكن إيفانكوفيتش من استعادة مجده السابق؟ الإجابة ستكشفها أرضية الملعب.

تعليقات

عدد التعليقات : 0