في إنجاز علمي طموح – لكنه مثير للجدل – أعلن باحثون في عام 2024 عن نجاحهم في توليد أول فأر بدماغ يحتوي على خلايا بشرية بنسبة 80% ، وذلك في محاولة لفهم آليات الأمراض العصبية التنكسية مثل مرض الزهايمر بشكل أعمق.
لكن ما بدأ كمشروع بحثي نبيل، تحول إلى مصدر قلق لدى العديد من الخبراء بسبب مخاوف من ظهور "وعي جزئي" غير متوقع عند هذه الكائنات المعدلة وراثيًا .
التجربة: كيف تم إنشاء الفأر؟
قامت مجموعة من الباحثين من جامعة ستانفورد بالتعاون مع مركز بحوث الأعصاب في كاليفورنيا، بتزریع خلايا جذعية بشرية في دماغ فئران حديثة الولادة، باستخدام تقنية متقدمة من التعديل الجيني والتنمية العصبية المُوجهة .
بعد فترة من النمو، تبين أن 80% من خلايا الدماغ لدى الفأر كانت من البشر ، وتشكلت شبكات عصبية متشابكة بين الخلايا البشرية والخلايا الفأرية، مما أتاح للباحثين دراسة كيفية تطور الأمراض العصبية في بيئة حية شبيهة بالإنسان.
الهدف: فهم أعمق لمرض الزهايمر
الهدف الرئيسي من التجربة كان استكشاف كيفية تطور مرض الزهايمر داخل شبكة عصبية تحتوي على خلايا بشرية ، وهو ما لا يمكن تحقيقه بدقة عبر النماذج التقليدية التي تعتمد فقط على الخلايا الفأرية أو الثقافات المعملية.
ومن خلال هذا النموذج الحي، تمكن العلماء من:
- ملاحظة كيفية تشكل اللويحات النشوائية المرتبطة بالزهايمر.
- اختبار أدوية جديدة مباشرة على دماغ بشري "شبه كامل".
- دراسة استجابة الخلايا العصبية البشرية للتغيرات البيئية والكيميائية.
لكن... ظهرت مشكلة غير متوقعة: "وعي جزئي"؟
مع مرور الوقت، لاحظ الباحثون سلوكيات غير طبيعية عند الفأر، بما في ذلك:
- زيادة كبيرة في الذكاء والقدرة على التعلم مقارنة بفئران التجارب الأخرى.
- تغيرات في السلوك الاجتماعي ، مثل تجنب التعامل مع الفئران الأخرى في القفص.
- ردود فعل غريبة تجاه المؤثرات الخارجية ، وكأنه يدرك وجود الإنسان ويظهر استجابات غير معتادة.
هذه الملاحظات أدت إلى تكهنات من بعض الباحثين حول احتمالية ظهور مستوى معين من الوعي البشري ، وإن كان محدودًا، لدى هذا الكائن الهجين.
“هل نحن بصدد خلق كائن جديد يمتلك وعيًا مختلفًا؟ وهل يمكننا السيطرة على ما قد ينتج عن هذا الوعي من سلوكيات مستقبلية؟”
– تصريح لعالم أعصاب من جامعة هارفارد
ردود الفعل الدولية: بين التقدم العلمي والقلق الأخلاقي
🧪 الجهات العلمية:
أشاد البعض بما حققته التجربة من تقدم كبير في فهم الدماغ البشري، وقالوا إن هذا النوع من البحث ضروري لتطوير علاجات فعالة لأمراض لا زالت تهدد ملايين البشر.
⚖️ الجهات الأخلاقية:
حذرت هيئات أخلاقية دولية، مثل المنظمة العالمية للأبحاث الطبية الحيوية ، من أن هذا النوع من التجارب قد يعبر "خطوطًا حمراء"، خاصة إذا تم استخدامه في المستقبل لخلق كائنات ذات وعي بشري جزئي دون رقابة أو ضوابط.
👥 الرأي العام:
انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي حملات تطالب بوقف فوري لهذه الأبحاث، مع تساؤلات مثل:
"هل نحن بصدد خلق كائنات ذكية لا يمكننا فهمها؟"
"هل أصبح العلم وحشاً لا يُسيطر عليه؟"
ما هي المخاطر المحتملة؟
- ظهور وعي غير متوقع: قد يؤدي إلى معاناة كائنات لا يمكننا تقييمها أو فهمها.
- الآثار النفسية على الباحثين: العمل مع كائنات تُظهر سلوكيات بشرية قد يكون له تأثير نفسي على العلماء أنفسهم.
- التحايل على التشريعات الحالية: معظم القوانين لم تُعد بعد لتتعامل مع "الكائنات الهجينة" التي تحتوي على خلايا بشرية.
- ال slippery slope (الانزلاق الأخلاقي): إذا سمحت بهذا النوع من التجارب، فماذا سيحدث بعد عشر سنوات؟ هل سنرى إنساناً معدلًا جينياً؟
مستقبل هذا النوع من الأبحاث
رغم الإنجاز العلمي الكبير، فإن المجتمع الدولي يشهد نقاشًا حادًا حول ضرورة وضع تشريعات صارمة تنظم هذا النوع من الأبحاث . ومن بين المقترحات:
- تحديد نسبة الخلايا البشرية المسموح بها في الكائنات التجريبية.
- إنشاء لجان أخلاقية مستقلة لمراجعة كل مشروع قبل تنفيذه.
- منع أي تجارب على الكائنات التي قد تظهر عليها مؤشرات على الوعي البشري.
الخلاصة
إن إنشاء فأر بدماغ يحتوي على خلايا بشرية بنسبة 80% يمثل خطوة علمية غير مسبوقة نحو فهم أعمق لدماغ الإنسان وأمراضه. لكنه أيضًا يفتح بابًا واسعًا أمام أسئلة أخلاقية وعلمية لا تملك الجواب النهائي بعد .
العلم لا يتوقف، لكن يجب أن يسير جنبًا إلى جنب مع المسؤولية والضمير الإنساني . وربما يكون ما حدث في 2024 هو بداية لعصر جديد من الطب العصبي... أو بداية لقصة أخرى أكثر تعقيدًا مما نتخيل.